
كثير من الناس يسعون ليأخذون من الدنيا قدر ما يستطيعون ... ولكن من يؤثر على نفسه اليوم .. ويعطى أغلى ما عنده ؟
سبحان الله
الذى جعل دينه يستقر فى القلوب ، وتشعر هذه القلوب بأعظم مشاعر الصدق مع الله ، فالمنهج فى الإسلام أن يكون كل تعاملك مع الله ، فعملك له ، وأجرك منه ، حتى وإن ظلمك وأخذ حقك كل الناس … بل الأعجب أن تعطى أنت للناس أغلى ما تملك … ولنشاهد معا بأعين قلوبنا ماذا حدث … عندما قالت … كنت أريده لنفسي … رضى الله عنها و أرضاها.
فهل كان قصراً … أم كان عقاراً … أم كان عقداً وذهباً … ما الذى كانت تريده حقاً لنفسها ؟
قد يكون الإثار بالكلام … ولكننا هنا سنرى فعلا من أعجب ما يمكن
ولنبدأ بالغزوات … التى شارك فيها كلها .. قاد السرايا .. وكان فى بعض السرايا فردا من الأفراد . وكانت رغبته واضحة فى نصرة الإسلام … وكان يتمنى أن يكون شهيدا فى سبيل الله … لعلمه بأجر الشهيد .. وقد تعرض فى كثير من المواطن … لأنه كاد ينال الشهادة ولكنه لم ينلها .
رغم كل هذا كان تعلقه بالمدينة واضحاً وشديداً
وكان يرريد أن يموت فيها لما يعرف من مكانتها وفضلها وما سمعه فى ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولهاذا كان حريصا على أمرين لا يجتمعان …. وكان دائم الدعاء بهما
( اللهم ارزقنى شهادة فى سبيلك ، واجعل موتى فى بلد رسولك ) صلى الله عليه وسلم
وهو الطلب الذى يبدو لكل الناس أنه مستحيل … ولا يعلم أحد من أهلها كيف سيتحقق هذا الدعاء …. ولكنهم يؤمنون أن الله يجيب كل الدعاء ولا يعجزه شىء سبحانه
وأثناء صلاة الفجر … هذا الوقت المها أن يكون رضى الله عنه قريبا بكل ما يملك من قرب منهما .. صدقا وحبا ووفاءا .
فما كان منه إلا أن أرسل إبنه … لأم المؤمنين عائشة يطلب منها .. أن يدفن بجوار صاحبيه .
وانطلق عبد الله بن عمر
” فسلم واستأذن ، ثم دخل عليها ، فوجدها قاعدة تبكى ، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه
فقالت : كنت أريده لنفسى ، ولأوثرنه به اليوم على نفسى ”
كانت تريد هذا المكان … مع زوجها حبيبها صلى الله عليه وسلم ، وأبوها مربيها رضى الله عنه … ولكنه الصدق فى المعاملة مع الله … الصدق أن من طلب منها شيئا لبته له .. أم المؤمنين الكريمة المعطائه رضى الله عنها وأرضاها.

قمة الصدق أن تؤثر ... بأغلى ما تملك
فهذا القلب هو قلب معطاء .. قلب الأم التى تعطى المؤمنين ما يعينهم فى الدنيا والآخرة فى صدق القرب من الله … وعمر صادق فى طلبه … صادق فى أمنيته .. صادق فى دعوته … فآثرت عمرا رضى الله عنه على نفسها ..
كان عمراً رضى الله عنه ملتهفا أن يعرف الخبر هل وافقت أم لا وكان خائفا أن يقضى أجله قبل أن يصله الخبر … كما كان خائفا أن يكون الجواب بالرفض .
فلما سمع بقدوم عبد الله قال ارفعونى .. فأسنده رجل
فقال: لعبد الله ما لديك ؟
قال : الذى تحب يا أمير المؤمنين .. أذنت .
قال : الحمد لله … ما كان شىء أهم إلى من ذلك ….
فقال عمر : فإذا مت فأحملونى ، ثم سلم فقل : يستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لى فأدخلونى ، وإن ردتنى ، ردونى إلى مقابر المسلمين ”
فكان بجوار صاحبيه
كان يتمنى هذا المكان … كما كانت أم المؤمنين عائشة تتمناه
وفاز به عمر … وهى التى آثرته .. أم المؤمنين عائشة … رضى الله عنها .
فما كانت تبعة موافقتها ؟
قالت رضى الله عنها و أرضاها ” لم أضع ثيابى عنى منذ أن دفن عمر فى بيتى ”
فهل تستطيع أن تكون عندك نفس الروح فى الإيثار ؟
هل يمكن أن يرتاح الناس فى وقتنا هذا إن كان بينهم هذه الروح من الإثار ؟
هل يمكن ان تختفى كثير وجل المشكلات … إن كنا نتعامل ونريد الأجر من الله ؟
قال سبحانه
{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين
( أعرف نفسك )
ما هو أكثر شىء تريده لنفسك فى الدنيا .. وتتمسك به ؟
هل تستطيع أن تهديه لمن يطلبه منك ؟
دون أن تأخذ منه شيئا ؟
تعاملاً منك مع الله ……
12تعليق
Comments feed for this article
21 ماي 2009 في 3:37 م
سوسن امين
السلام عليكم ورحمة الله, خلق الإيثار خلق صعب تحقيقه في هذا الوقت, لكن أظن ان الانسان بالإرادة والإصرار يمكن تغيير نفسه إلى الأحسن, بالتدريب ممكن أن نعتاد على الإيثار, وفعلا ممكن تختفي كثير من المشكلات بين الناس بهذا الخلق الكريم,فالانسان بالعطاء بيحس براحة كبيرة جدا, جزاك الله خيرا.
21 ماي 2009 في 5:13 م
محمد الجرايحي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيى طرحك الطيب والكريم
الإيثار مع كل الأسف أصبح من الفضائل النادرة فى هذا العصر الردئ
إلا من رحم ربى …
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
اللهم آمين
22 ماي 2009 في 3:20 ص
Ezz Abdo
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختنا الكريمة سوسن أمين
بارك الله فى مشاركتكم القيمة
من أهم ما يمكن لأن نفوز … وننتصر على أنفسنا .. الأمارة بالسوء
وأن نجعل أنفسنا طائعة آمنة مطمئنه .. بترويضها وتعويدها والرقى بها للإثار
يقول الله سبحانه { ويؤثرون على أنفسهم … ولو كان بهم خصاصة }
ليس مجرد شكل ومظهر … بل يؤثرون ولو كانت بهم حاجة شديدة وماسة لما فى أيديهم .
وفقكم الله وجميع المسلمين لهذا الخلق …. العظيم .
22 ماي 2009 في 3:54 ص
Ezz Abdo
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم محمد الجرايحى
كيف نحيي روح الإيثار أخي الكريم محمد ؟
هذه هي المهمة التى يجب أن ننظر لها بعين الإعتبار
اللهم استجب دعائكم الجميل …. من أجل فوائد الإيثار شعورك بحلاوة … وراحة … وسكينة .. ورضا
كل أهل الدنيا يفرحون حين يأخذون …. أما المسلمون الصادقون … ففرحتهم حين …. يؤثرون
جزاكم الله خيرا اخي الكريم محمد ورزقنا الله جميعا أعظم أخلاق … أخلاق علمنا إيها النبي المصطفى الأمين
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين .
22 ماي 2009 في 4:14 م
شخص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحقيقة يا أخي عز ، تتغير الدنيا ويتغير البشر وتتساقط القيم شيئاً فشيئاً . الإيثار أصبح إرثاً وعلّه يعود حتى يبين اللحمة والتلاحم
بين المسلمين . نفع الله بك وكثر من أمثالك .
22 ماي 2009 في 9:54 م
بوح القلم
الايثار فضيله رائعه قليل جداً من يعمل بها ولا يعمل بها الا من كانت نفسه البيئه عالية الايمان لان فيها ايثار وهذا الايثار مدح الله فيه المؤمنين الاوائل قال تعالى ( ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصه )
وعمر بن الخطاب يكفي عليه فخر ان ايده القران في عدة مواقف حاز بها قصب السبق ..
دائماً تعجبني شخصية الفاروق واتمنى ان يجود الزمان بمثله يعيد امجاد المسلمين
قالت رضى الله عنها و أرضاها ( لم أضع ثيابى عنى منذ أن دفن عمر فى بيتى )
هذا قول عائشه رضي الله عنها يدل على قوة شخصيته حتى عندما مات ..
لك كل الشكر وفي ميزان حسناتك وشكراً استاذ عز
23 ماي 2009 في 5:51 ص
Ezz Abdo
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم شخص
حضور قيم ورائع أهلا وسهلا بكم أخى الكريم
قد تتغير الدنيا من حولنا وهذا شيء يحدث فى كل ساعة .. ولكن الخطير هو تغير الإنسان نفسه
لمستوى بعيد عن القيم …. كيف يكون الإنسان بعيداً عن هذه القيم .. الإثار الإخلاص والنصيحة … ؟
أشكر حضوركم الجميل وبارك الله فيكم
حفظكم الله ووفقكم وكتب لكم الخير حيث أنتم
23 ماي 2009 في 5:58 ص
Ezz Abdo
بارك الله فيكم أختنا الكريمة بوح القلم
كم هي جميلة هذه الملاحظة .. مدح الله أصحاب خلق الإيثار المؤمنين الأوائل
ترى كيف كان تطبيقهم لهذه الأخلاق وكيف كان تمسكهم بهذه الأخلاق ؟
وهل نحن فينا ضعف فى الإرادة ؟
هل نحن فينا إنجذاب لشهوة التملك والإستحواذ ؟
هذه هى الاسئلة التى تحتاج إجابة عملية … بيننا وبين الله .. ودعاء وطلباً من الله أن يصلح لنا أنفسنا
ورزقنا نفوس كنفوس المؤمنين الأوائل …. نفوس مطمئنه
اللهم أرزقنا جميعا هذه النفوس يارب العالمين
والحمد لله رب العالمين
جزاكم الله كل الخير أختنا الكريمة على مشاركتكم القديرة
23 ماي 2009 في 1:16 م
nono
قال الله -تعالى-: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9].
جاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعطته بردة هدية، فلبسها صلى الله عليه وسلم، وكان محتاجًا إليها، ورآه أحد أصحابه، فطلبها منه، وقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه.. اكْسُنِيها. فخلعها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها إياه. فقال الصحابة للرجل: ما أحسنتَ، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألتَه وعلمتَ أنه لا يرد أحدًا. فقال الرجل: إني والله ما سألتُه لألبسها، إنما سألتُه لتكون كفني. [البخاري]. واحتفظ الرجل بثوب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فكان كفنه.
جاء رجل جائع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، وطلب منه طعامًا، فأرسل صلى الله عليه وسلم ليبحث عن طعام في بيته، فلم يجد إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يُضيِّف هذا الليلة رحمه الله)، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.
وأخذ الضيفَ إلى بيته، ثم قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني، فلم يكن عندها إلا طعام قليل يكفي أولادها الصغار، فأمرها أن تشغل أولادها عن الطعام وتنومهم، وعندما يدخل الضيف تطفئ السراج(المصباح)، وتقدم كل ما عندها من طعام للضيف، ووضع الأنصاري الطعام للضيف، وجلس معه في الظلام حتى يشعره أنه يأكل معه، وأكل الضيف حتى شبع، وبات الرجل وزوجته وأولادهما جائعين….
جعلنا الله من يقدم حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لها
24 ماي 2009 في 5:34 ص
Ezz Abdo
بارك الله فيكم nono
هكذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعلمنا …. ما لا يستطيع إنشان أن يعلمنا إياه الآن
جاء ليعلم الإثار فى وقت كان الإنسان يشترى ويستعبد أخيه الإنسان
وأصبحنا الآن فى زمان … أرخص شىء فيه الإنسان … مهان … لا يساوي إلا ما يملك من نقود
فيأتى أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ويعلنونها للدنيا كلها
الإنسان أعز علينا و أكرم من كل ما تتعلق به أنفسنا من أمور الدنيا
وأن نعطيه …. أحب إلينا من أن نأخذ منه
أنت عندى أغلى مما أملك …. لأنك إنسان
عطائى لله … وليس لمخلوق سواه … أتعامل مع الله رب العالمين
للفوز بجنة النعيم ….
اللهم اجعلنا وجميع المسلمين من أهل الجنة دار المقامة يارب العالمين
والحمد لله رب العالمين
24 ماي 2009 في 7:34 ص
احمد
أخي عز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يوم أن نهلنا من معين موبوء بفساد فطرة من تولى أمر الاعلام .. نشأ جيل يسمع بالإيثار وكأنه عنقاء
25 ماي 2009 في 5:47 ص
Ezz Abdo
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي الحبيب احمد
ما اجمله من تحليل ووصف دقيق للداء
واجبنا ان نعلم نحن الجيل الإيثار ونؤثر على أنفسنا …. ولو كان بنا خصاصة
والحمد لله رب العالمين
بارك الله فيكم اخي الحبيب أحمد