الله

سمى الإنسانُ إنساناً لانه يَأنس ويُأنس
فما هو الشىء الذى خلق الإنسان ليأنس به ؟
وما هو معنى الإنسانية والإنسان ؟
نسمع عن الكثير من حقوق الإنسان ؟
فما هو معنى الإنسان أصلا وما هو المقصود به؟ هل هو الكائن العاقل الأكول الشروب المفكر ؟
هل هذه هي الإنسانية ؟ والتى لا تفرق كثيرا عن الحيوانية فى الطعام والشراب ؟ ام أن معنى الإنسان
تسمية بنى آدم بإسم الإنسان لها معان أخري تحيي فى النفس الجمال والروعة والحب والود …!!!!
أنس يأنس فهو إنسان
الإنسان يأنس بأخيه الإنسان
الإنسان يُأنس به ويُأنس إليه ويُأنس منه
هذا المعنى جميل جدا
ان يَأنس الناس بك
وأن تأنس أنت بالناس … لا يوجد عزله أو إنفراد أو إنقطاع عن الناس
بل الشعور بمشاعر الإنسانية حين تأنس أنت وتُأنس .
قمة علوم الإجتماع وقمة علوم الإنسان … فى الإسم الذى إختارة الله لهذا المخلوق … الإنسان
[ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ] ؟
تبدأ سورة الإنسان بهذا المعنى …. الإنسان لم يكن موجود …. لم تظهر معان الأنس فى الكون بعد
يأنس مخلوق ويؤنس
فالحيوانات كالأسود والوحوش قد تأنس بها لبعض الوقت حيوانات اخرى فإذا جاعت ….. انتهي الانس
وكذلك سائر المخلوقات
الجن توحشت وتشيطنت وبعدت عن امر الله وهذا الشيطان اكبر دليل على هذا …..
وجاء الإنسان …. المخلوق الذى يَأنس ويُأنس … وقد كانت أكبر عقوبة لأبونا آدم وأمنا حواء بعد نزولهما من الجنة .
أن يكون هو فى مكان وهي فى مكان – ويلتقيا ويتعارفا فى عرفات … أعظم مكان للأنس
لهذا يجب أن نعلم أن الأنس الحقيقي للإنسان لا يكون إلا بالله
تأنس بالله وأنت وحيد ووسط الناس حين يذكر الله تأنس وتستبشر وتسعد
تعامل الله بمعاملتك للناس …. إن ظلمك الناس فأنت تخالطهم لأنك تأنس بمعاملتك لله
ليس كما يفعل الكثيرون منا إن أساء لهم الناس … تركوهم وابتعدوا عنهم … هذا ليس من طبيعة الإنسان
لهذا اجعل انسك بالله لأن الله سبحانه هو أُنس المؤمن وحبيب العابد
الأنس بالله هو ثمرة المعرفة ثمرة الإيمان أن تأنس بالله وحده
والأنس بالله نتيجة المحبه له سبحانه ودليل الولاية. وبرهان العناية. ومؤهل الرعاية .

حين يمتلأ القلب بجلال وخشية الله تحلو الحياة وتعذب الدنيا
حين يمتلأ القلب بالأنس بالله تنطلق البصيرة وتنكشف كل الهموم وتهاجر عنك كل الغموم
من أنس بالله أنس بالحياة لإنه إنسان
إذا أردت أن تتلذذ بالحياة أشعر بأنسك بالله تحسس حاجتك للأنس بالله حبك وراحتك حين يُذكر الله. وراحتك وفرحتك حين تذكر أنت الله وتأنس به لأنك إنسان محتاج لهذا جدا ولا تستطيع الحياة بدونه.
يطمئن القلب وينشرح الصدر وينطلق اللسان حين تأنس بالله
انظر لسيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين كلمة الله
شعر بهذا الشعور الإنسانى أَنِسَ بالله فسأله الله عما فى يمينة فأفاض سيدنا موسي عليه السلام
بل انه من شدة هذا الأنس قال رب أرنى أنظر إليك …..
ونحن الله يكلمنا بالقرآن الكريم ليل نهار ( القرآن كلامه ) فهل شعرت بهذا الأنس بالله ؟
هل تحرك شىء فى أعماقك الإنسانية يقول لك هذا الذى أحبه وهذا الذى أأنس به وأتمناه

الأنس بالله هو ثمرة الطاعة والدعاء لله والتوجه إليه وحده … لا يأتى بالسهل بل بالتصميم والمكابده على العبادة والطاعات .
فمن أمتثل لأمر الله بالعبادات والطاعات وصدق فى محبه الله . وجد للأنس طعما وللقرب لذة وللمناجاة سعادة
ويشعر بالتعب كل التعب بالبعد عن الطاعة والعبادة
هكذا كان حبيبنا وقدوتنا محمد صلي الله عليه وسلم يأنس بالله ويقول لبلال رضى الله عنه
أرحنا بها يا بلال. قمة الأنس وقمة التلذذ فى الدنيا بالوقوف ببين يدي الله .

( إن فى ذلك لذكرى لمن كان له سمع أو ألقى القلب وهو شهيد )
تذوق طعم الإنفاق فى سبيله
تذق طعم إطعام الطعام لمن يحتاج
تـذوق طعم الصدقة والعطاء
تذوق طعم الصلاة
تذوق طعم الخشوع
تذوق القرآن
تذوق حلاوة الركوع والتسبيح
تذوق حلاوة الله أكبر
تذوق جمال سبحان ربى العظيم
تذوق نسمات سبحان ربي الأعلى

إذا كانت حياتك بها وحشه أأنس بالله
إذا كان فى حياتك ألم أأنس بالله
إذا كانت حياتك تعب وهم وكدر أأنس بالله
إذا تعبت من الناس أأنس بالله
وإذا تعب الناس منك أأنس بالله
تسكن نفسك ويحلو عيشك وتنعم بحياتك وتوفق للخير كله
تسقط كل العقبات من طريقك فيسهل عليك الطريق وتصل فى الدنيا لجنات النعيم
وتصل فى الآخرة لقمة الأنس بالنظر لوجهه الكريم

سُئل أحد العلماء : ما أقرب ما يتقرب به إلى الله عز وجل ؟
فبكى ثم قال : مثلى يُسألُ عن هذا ؟
أقرب ما يتقرب به إليه أن يطلع على قلبك وأنت لا تريد من الدنيا والآخرة غيره جل وعلا.
ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية انه خرج مرة للصحراء وحين ابتعد عن الناس قال:
وأخرج من بين البيوت لعلنى أحدث عنك النفس بالسر خاليا

يريد أن يكلم ويناجي الله دون أن يسمعه ويشعر به إنسان
فقط بينه وبين الله
فهل يوجد لديك شىء لا يعلمه الناس فقط بينك وبين الله ؟
هل يوجد لديك ما تأنس به لله ؟

يقول سبحانه :
[ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ]